بسم الله الرحمن الرحيم
---
أدعوكم معى لنتنسم عطر هذا النبى الكريم سيدنا عيسى عليه السلام ،
فقد جعله الله عز و جل وجيهاً فى الدنيا و الآخرة و من المقربين
" إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ
إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ "
سورة آل عمران : 45
كان عليه السلام رسولاً إلى بنى إسرائيل ،
" وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم
مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ
فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ "
سورة الصف : 6
لاحظ أنه لم يقل يا قوم بل قال يا بنى إسرائيل ، لأن قوم الرجل هم أقاربه من أبيه
و كما نعلم جميعاً أنه عليه السلام وُلِد من غير أب ، فقد خلقه الله بكلمةٍ منه ،
كما خلق آدم عليه السلام بغير أب أو أم
"إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ "
سورة آل عمران : 59
و كان كلامه عليه السلام فى المهد هو الذى أظهر براءة أمه سيدة نساء العالمين السيدة مريم عليها السلام و نجاها من الرجم
و لعلك تتعجب أخى الكريم ، لماذا كان اليهود يحاربونه و يكيدون له المكائد !!
فقد كان عليه السلام يوضح لهم شريعتهم و كان مصدقاً بالتوراة
بل أحل لهم بعض الذى كان محرماً عليهم
" وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ
وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ "
سورة آل عمران : 50
هل تعرف أخى لماذا كانوا يحاربونه و يكيدون له المكائد ؟؟
أولاً : لأنه أخبرهم أن النبى الخاتم الذى بشر به جميع الأنبياء و الذى تضىء أوصافه فى صفحات كتب المرسلين و منها التوراة
ليس من بنى إسرائيل ، بل من نسل إسماعيل ، و اسمه " أحمد" (أفعل الحمد)
كانوا يطمعون أن النبى الخاتم سيكون منهم و يجعلهم ملوك الأرض ،
" وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ
يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ
فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) "
سورة الأعراف
الأمى : أى ليس من أهل الكتاب
الأميون هم الذين لم ينزل لهم كتاب سماوى ( قبل القرآن)
" فإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ
وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ
فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ "
سورة آل عمران : 20
ثانياً : كان عيسى عليه السلام ينكر على اليهود إستهتارهم بحقوق المرأة ، فقد كان التعدد مفتوحاً بلا نهاية ، و كان الطلاق المستهتر بدون ضوابط يسبب لهن ضرراً فادحاً ، فأراد أن ينصحهم بوضع بعض القيود لا أن يمنع الزواج تماماً أو يمنع الطلاق تماماً كما يظن البعض
و كان ينكر عليهم أيضاً استهتارهم بحقوق غيرهم من البشر ،
و كان ينكر عليهم أنهم ظنوا لأنهم أبناء إبراهيم عليه السلام فقد ضمنوا ملك الدنيا و نعيم الجنة ، و كانوا يتمنون أن النبى الخاتم سيكون ملكاً منهم مثل داوود عليه السلام
و لكن عيسى عليه السلام أغاظهم عندما قال لهم أن الرسالة الخاتمة ستتحول عنهم ، و سيفوز بها من يستحقها
" لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
سورة المائدة : 78
لذلك أنكر الله عليهم أنهم يحاجون فى إبراهيم
" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ إِلا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (65)
هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (66)
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)
إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)
سورة آل عمران
مكر اليهود بنبى الله عيسى عليه السلام حتى أنهم أرادوا أن يصلبه الرومان
و اتفقوا مع أحد الحواريين للإيقاع به
و لكنهم مكروا و مكر الله ، و الله خير الماكرين
فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ
قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا
مُسْلِمُونَ (52)
رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)
وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)
سورة آل عمران
هؤلاء البشر أصبحوا لا يستحقون هذا النبى الكريم
لذلك توفاه الله و رفعه إليه
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ و َرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا
وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)
سورة آل عمران
الذين اتبعوا عيسى عليه السلام هم الذين آمنوا به على حقيقته أنه عبد الله و رسوله
و لأن من حفر حفرةً لأخيه وقع فيها ، فقد صلب الرومان الخائن الذى غدر برسول الله عيسى عليه السلام ، ظانين أنه هو المسيح ، فقد شُبه لهم هم و اليهود
" وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ
وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ
وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)
بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)
سورة النساء
بعد أن طهره الله منهم ، فهم لا يستحقونه ، أفسد الرومان و ساعدهم اليهود فساداً عظيماً ، فأخذوا يسفكون دماء الأطهار الذين آمنوا بنبى الله عيسى عليه السلام ، و كانت المذابح التى ارتكبها الرومان بحقهم كانت فوق الوصف و وسائل التعذيب ربما لا تساويها إلا وسائل الأمريكان فى العراق هذه الأيام
و لما رأى الإمبراطور الرومانى قسطنطين أن العنف لن يفلح مع هؤلاء القوم
مكر هو الآخر مكراً شديداً ، فدبر مجمع نيقية الذى حدثت بسببه فتنـة
يمتد أثرها إلى يوم القيامة
و هذا ما سنتحدث عنه إن شاء الله فيما بعد